الیوم الأوّل من أیام عید الفطر المبارک فی الاهواز

( کیف یحتفل الشعب العربی الأهوازی بالعید )

لفته عبدالوهاب
۰۸/۰۹/۲۰۱۰

معایده الاطفال فی الاهواز

 

لکل أمة و لکل شعب علی وجه هذه المعمورة عادات و تقالید و طقوس تتمیز بها بین الشعوب الأخری خاصة فی أیام الأعیاد الدینیة و الوطنیة و للکل طریقته الخاصة الذی یحتفل بها فی افراحة و أعیاده و هذه الطقوس مرتبطة بتاریخه و ثقافته و حضارته و تمثل الواجهة الحقیقیة لذلک الشعب أو لتلک الأمة و لذلک  من أراد أن یتعرّف علی شعب أو مجتمع ، علیه أن یعرف و یدرس ثقافة ذلک المجتمع و عاداته و تقالیده و ما یقوم به بأفراحه و أتراحه و من بین هذه الشعوب ، الشعب العربی الأهوازی الذی له عادات و تقالید و طقوس نابعة من التراث العربی و الدین الاسلامی الحنیف و البیئة العربیة الأهوازیة و النموذج البارز لهذه الطقوس هو الأحتفال و الأحتفاء بعید الفطر السعید حیث لا ینظر المجتمع الأهوازی لهذا العید ، عیداً دینیاً فحسب و إنّما یراه عیداً وطنیاً بکل المعاییر ایضاً ، لذا نسعی فی هذا المقال أن نسلّط الضوء علی هذا الیوم و ماتفعله العائلة الأهوازیة من الصباح حتی المساء لنعطی صورة واضحة و جلیّة عن الثقافة الاهوازیة فی مایخصّ طقوس العید .
أول ما تقوم به العوائل الاهوازیة و من الصباح الباکر هو أعطاء الفطرة للمستحقين و المحتاجين من الاقارب و الجيران و التي قد عزلوها من اموالهم ليلة العيد بعد الذهاب لصلوة العيد التی تقام فی جمیع الأحیاء فی المساجد و الحسینیات و بعد الصلاة یذهب کبیر العائلة و معه بعض الشباب لبیوت العوائل الذین فقدوا أحد أفراد الأسرة لیقروأ الفاتحة علی أرواح الاحبة الذين كانوا بيننا العيد الماضي و لكن السنة لم يوافهم الأجل و فی کثیر من الاحیان یجتمع جمع من الجیران و الاصدقاء و یذهبون فی جماعات لقراءة الفاتحة و بعدها يبدأ الجميع بالمعايدة حيث الجميع يذهب للجميع و تري الناس فوج فوج يهرولون الي كل حدب و صوب و تتبادل التبريكات و القبلات و مائدة الحلويات مفروشة في كل البيوت و دلال القهوة ترحب بالزوار و تفوح منها رائحة القهوة و الهيل و یزور الاقرباء و الاصدقاء و الجيران بعضهم البعض و ینسی الناس في هذا اليوم خلافاتهم و غيضهم و الصغير يعايد الكبير و الكبير يعايد الصغير و تعم روح المحبة و الاخوة و التسامح بين الناس و هذه هي فلسفة عيد الفطر المبارك .

تستيقظ الأطفال من الصباح الباكر و تلبس ازياءها الجدیدة و تخرج زرافات و وحدانا و تملئ الشوارع تحمل أکیاسها معها تجمع فیها المکرّزات و المکسّرات التی یعطونها لهم الجیران و الاصدقاء و أین مایذهبون ، مما یضفی هذا الحدث علی العید صورة بهیجة و جمیلة و رائعة و تشکّل الوان أزیاء الاطفال الجدیدة قوس قزح جمیل یسرّ الناظرین و تفرش العوائل مائدة الحلويات و تعد الشاي و القهوة و تستعد لاستقبال الزوار و لكن قبلها افراد الاسرة یعايدون الجد و الجدة اذا كانوا علی قید الحیاة و كذلك یعايدون الأب و الأم و بعدها تبدأ معايدة الجيران و الاصدقاء و الاقارب خاصة المحتاجين منهم او المرضي و عندما تخرج الي الشارع تري الشارع مملوء بالاطفال و الكبار مرتدين زيهم الجديد بالوانه التي تشكل لوحة جميلة و مفرحة و تشاهد الفرح يعم الجميع فتزداد الفرحة و الحمدالله علي هذا اليوم الذي اختص به عباده .
في يوم العيد الشباب ترتدي الزی العربي و هو عبارة عن الكوفية و الدشداشة و العقال و تذهب في جموع غفيرة تجول الحي و تزور الاصدقاء و الاقرباء و الجيران و و تترنم الأهازيج امام البيوت احتفالاً بعيدنا نحن العرب .
و ایضاً تقام الأحتفالات الشعریة و الموسیقیة و الابتهالات فی البیوت و الحارات بحضور الشعراء و الفنانین و الادباء و النخب الثقافیة و حضور جماهیری حاشد رغم کل الظروف القاسیة التی یعیشها الشعب العربی الأهوازی .

و لکن و للاسف الشدید نري بعض العوائل تذهب الي المقبرة لزيارة الأموات في يوم العيد و أنها ظاهرة سلبية و دخیلة لم تکن موجودة فی الثقافة الاهوازیة و لم تكن من عادات و تقاليد العرب بل أنّما هي ثقافة وافدة و لم تذهب عوائلنا للمقبرة في السابق ولكن في السنين الاخيرة انتشرت هذه الظاهرة المسيئة بالعيد و شأن العيد لأن العيد يوم بهجة و سرور و فرح و لا يلائم أجواء المقبرة و اطلب من الناس ان يذهبوا في ايام اخري لزيارة القبور و قرائة الفاتحة للاموات لا يوم العيد .
هناك ظاهرة اخري لابد ان نسلط الضوء عليها ألا و هي عندما يتوفي أحد من افراد العائله في يوم من أيام السنة ( ولو كان هذا اليوم قبل شهر رمضان بتسعة اشهر ) نري بعض العوائل يقللون من أهمية العيد و لا يهتمون به کما ینبغی و يعللون هذا الامر الي احترام الميت ، الم يسمعوا قول الله تعالي اذ یقول : « ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب » ، و يحث الناس لتعظيم هذه الشعائر و الجميع يعلم بأن عيد الفطر من شعائر الله الكبيرة ، اننا نعلم جمیعاً بانه علينا احترام موتانا و الترحم عليهم و إهداء الثواب إليهم و لكن للعيد منزلة رفيعة لابد ان نحترمه و نرفع من شانه ، فانني و من هذا المنبر اطلب من كل العوائل الأهوازية ان يهتموا لأمر هذا العيد و ليعطوه مكانته التي يستحقها و أن يشاركوا في عاداته الحسنه مهما شائت الظروف و آلت الامور.