أحجیة الحقیقة و أجوبة الاساطیر

لفته الکعبی-الاهواز

 
أثارت القصة القصیرة المسماة « نیوتن و لیس سواه » للکاتب سالم الباوی ردود فعل مثیرة و و حتی متباینة فی بعض الاحیان بین موید و معارض لذا أرتأیت أن أقدم قراءة سریعة أبیّن من خلالها بعض جوانب هذه القصة القصیرة .
تعتبر هذه القصة من القصص القصیرة جداً (( micro fiction و تنتمی ألی مدرسة مابعد الحداثة ( postmodernism ) ، المدرسة التی نشأت فی القرن العشرین و السرد القصصی فیها یکون سردٌ قصصی ٌخطی بلا لف و دوران و بلا غموض و بلا زوائد و حتی بلا رسالة مباشرة و یبتعد الکاتب فیها عن الاطناب و الاطالة و ینتهج الایجاز و الاختصار، یقول الکاتب الشهیر الترکی « اورهان باموق » تأییداً لهذا النموذج من الکتابة « إن الحیاة فی هذا العالم أصبحت لا تطاق فعلی الکاتب الحصیف و من خلال قلمه السحری و ابداعاته الجمیلة بأن یجعله أکثر مرونة و أکثر جمالاً و یخلق نصاً جمیلاً یستمتع القاری بقراءته لیصبح العالم مکانا یستحق العناء و من اکبر الکتاب الذین أشتهروا فی هذه المدرسة هما الامریکیین « ریموند کارفر » و « جان آبدایک » .
لقد دمج الکاتب فی هذه القصة الحقیقة و الواقع ( سقوط التفاحة علی رأس نیوتون و أکتشاف جاذبیة الأرض و تطور العلم علی إثرها ) مع الأسطورة و المیثولوجیا ( سرقة النار و إعطاءها للبشر من قبل برومته أله النار و ألتی إزدهرت الحضارة الإنسانیة علی إثرها ) حیث شکّل هذا الدمج نسیجاً مترابطاً یری فیها القارئ حقیقة لا مناص فیها و هذه نظرة جدیدة عند الکتّاب الأهوازیین ، أراد الکاتب من خلالها مخاطبة القاری بطریقة مختلفة و بشکل جدید لیمتّع من خلاله القاری و یفتح امامه عالم جدید و قد أستخدم مخزونه الثقافی من الموروث العالمی بشکل جید و متقن لیفتح نافذة أمام القارئ الاهوازی لمعرفة هذا الموروث و هذا الاسلوب فی حد ذاته جمیل و یبیّن قدرة الکاتب علی استخدام هذا الموروث لخلق نص ادبی جمیل .

یری البعض بأن هذه المدرسة و هذه الطریقة بعیدة عن الذوق العام للقارئ الاهوازی ، خاصة و أنه أی القارئ یتوقع من الکاتب أستخدام رموز من ثقافته و بیئته و فولکلوره حتّی یستطیع التواصل مع شخوص القصة و أستیعابها بشکل کامل و لکن یجب القول هنا بأن الکاتب فی هذه المدرسة یری القارئ انساناً مثقفاً مطّلعاً علی الثقافات و الآداب و لا یستصغر شأنه کما یقول بعض الادباء بانه علی القاری الصعود الی مرتبة الکاتب و لا یکون من اللائق نزول الکاتب الی مستویات متدنیة لیفهمه الجمیع .
بالنهایة أحببت أن أنقل لکم تعریفاً موجزاً عن الأسماء التی وردت فی هذه القصة :
1 – برومیتوس ( prometheus ) : أله النار فی المیثولوجیا الیونانیة مؤسس الحضارة الإنسانیة ، إختطف النار المقدسة من السماء و نقلها إلی البشریة فعاقبه زئوس و قیده علی جبل القوقاس حیث کان ینهش کبده المتجددة بأستمرار عقاب کاسر ، خلّصه هیراکلیس ، ألهمت الاسطورة عدة أعمال أدبیة منها مأساة أسیخلیس ( 467 قبل المیلاد )
2 – زئوس أ زوش ( zeus ) سید آلهة عند الیونانیین کان له معبد شهیر فی الاولمپ ، یقابله جوپیتر عند الرومان و أدد عند الشعوب السامیة
3 – نوستر آداموس ( 1566 – 1503 ) طبیب فرنسی من أصل یهودی تعاطی التنجیم له المئویات و هی نبوءات غامضة
4 – نیوتون ( سیر اسحق 1727 – 1642 ) فیلسوف و عالم و ریاضی و فیزیائی . فلکی انگلیزی إکتشف قوانین جاذبیة الارض عام 1669