برکات العید( قصة قصیرة)
برکات العید
کریم البندقیلی - معشور
امام الصراف الآلی طابور طویل من النساء والرجال ...الطابور قد التف علی نفسه اکثر من مرة . الرصیف المبلط کقرینه المقابل قص بالمارة من الناس البعض ذهابا والبعض الآخر ایابا . عادة تکون هذه الایام الأخیرة من السنة الشمسیة هکذا ... عید و العید مرة فی العام و الکل مهتم تمام الاهتمام بالملبس والماکل و... والمائدة "هفت سین " لها الحظ الأوفر من هذه الضجة والاهتمام الکل یجهز کل شیء عند دقة الساعة کی یضمن لنفسه السعادة المرجوه لغایة بدایة السنة المقبلة !!
محلات السجاد و البوتیکات و متاجر الأقمشة ... مکتظة بالزبائن القدامی والجدد
کانت الساعة تتقترب رویدا رویدا من وقت الظهیرة ومازال السوق متخما بحراک المارة و المتسوقین غیر آبهین بمرور الوقت .ارتفع من مأذنة المسجد القریب نداء الآذان ... الله اکبر ... الله اکبر
صاحب المتجر المحاذی للمصرف أخذ یسدل باب متجره اللولبی تلبیة لنداء الأذان واداء الصلوة ففسح المجال کی یتجه جزا من الطابور نحو واجهة المتجر المقلق توا
طال الانتظار بسبب نفاذ النقود التی قد شحن الصراف بها مسبقا فحسب ما علم الواقفون فان عملیة الشحن المزمع اجرائها فورا قد تطول لاکثر من عشرة دقائق
قد انهکه طول الانتظار وکثرة الوقوف علی رجل ونصف رجل !
ادار وجهه نحو الیمین فالیسار عله یجد ما یجلس علیه فرجله الیمنی المعطوبة لا تتحمل هکذا فترة من الوقوف
فبعد ذلک الحادث المروری ألألیم و رغم مکوثه فی المستشفی لمایقارب شهرا فقدت رجله الیمنی نشاطها وحیویتها وباتت شبه معطلة فصار یجرها عند المشی او یتلکؤ من اثرها . رفع نظارته السمیکة قلیلا بعد ما التفت الی الوراء عندها اسند جسمه الی عصاه وهی بقبضة الید الیسری فجلس علی مصطبة واجهة المتجر المقلق وملامح وجهه تشیء بمرارة الم رجله القدیم الحدیث !
مد رجله المعطوبة الی الامام . رجل فی متوسط العمر مثله من الصعب علیه تقبل هذا الوضع المولم دون انین یخرج عفویا بین هنیهة واخری . مد یده الیمنی نحو الرجل المعطوبة واخذ یتحسسها و کانما اراد ان یخفف الالم بعض الشیء.بعدها مد یده صوب اعلی دشداشته لیتحسس هذه المرة البطاقة المصرفیة !
علی عتبة باب المصرف وقف الموظف معلنا اتمام عملیة الشحن فدبت الحرکة فی الطابور من جدید ... بصعوبة بالغة بعد اسناد ثقله علی عصاه الخشبیة نهض متمتما:
- نیروز ... نیروز ... کل ایام الله سوه ... شمعنه اله هل یوم !؟ ما چان عدنه نیروز ولا چان عدنه هفت سین او چنه عاشین او شنهو من عیشه حلوه ... منین ایتنه هل بلوه .... الحساب کله بیه اربع ملایین ... العندی والما عندی اربع ملایین... اطیهن للعید واضلن !؟ اشتاکلون شتشربون ... هذا ایرید هیچ او های اترید هیچ ... وانتی الام اشمالچ لازه اویه اللازین ... ابوچ امچ امسوین هفت سین ؟
-حجی ... حجی ... جدام ... جدام !
بهذه الکلمات افاق من کراه فدفع نفسه حتی وصل الی واجهة الصراف الآلی ... أخرج البطاقة من جیبه فتذکر حینها ان بعض العوائق تتدخل للحیلولة دون الوصول الی مبتغاه کضعف بصره وقلة تجربته ...فرای من الافضل ان یستعین بالشاب الواقف خلفه ... ابدی الشاب استعداده لاسداء ای خدمة بعد ان طلب الرجل منه ذلک بلطف
تقدم الشاب فصار عند واجهة الصراف فاخذ بطاقة الرجل فبحرکة خفیة کحرکات الخفة التی یتفنن بها البعض جعلها فی جیبه وبحرکة اسرع وبطریقة ذکیة ادخل بطاقته المصرفیة داخل فوهة الصراف فطلب من الرجل الکود (الشفرة) . افشی الرجل ذو الرجل المعطوبة الشفرة ببساطة ولکن الشاب ادخل شفرة اخری غیرها ... عندما رفض الصراف التعامل بالبطاقة تلک ... طلب الشاب الشفرة مرة اخری معلنا للرجل ان الشفرة لیست صحیحة فکرر الرجل الشفرة ولکن الشاب ادخل متعمدا شفرة غیرها ... تجاوز ادخال الشفرة الخاطئة الحد المسموح به
فقبض الصراف علی البطاقة ... فاخبر الشاب الرجل ذو الرجل المعطوبة حدوث المشکلة وان البطاقة قد صادرها الصراف وان علیه مراجعة رییس المصرف!!
بدا الرجل انزجاره من نظام الصرف الآلی وامتعاضه مما یقوم به من ازعاج الناس !! فدخل المصرف یجر رجله المعطوبة التی لا تتناسق و حرکة جسمه الغاضب الساخط ملوحا بیده مزمجرا کالاسد الجریح!
عندها اخرج الشاب بطاقة الرجل وادخلها فی فوهة الصراف وبحرکة سریعة ادخل الشفرة التی قد سمعها من صاحبها مرارا و سحب ما یمکن سحبه من نقود..!