مع مرور الوقت تکتشف بروال الاهواز مبدعین و کتاب جدد علی الساحة الاهوازیة.نعتقد بان الاهواز مملوءة بهکذا اشخاص و لکن لم یکتشفوا بعد .من هولاء الکاتب سعید نواصر الذی ارسل لنا هذه القصة القصیرة لننشرها علی مدونة بروال الاهواز.ادارة المدونة مرة اخری تطالب کل الزوار  خاصة اخصائیین مجال القصة القصیرة الی التعلیق علی هذه القصة لان ذلک یساعد الکل للنمو نحو الافضل.

لازالت واقفة

(قصة قصیرة)

                                                   سعید نواصر 

الاحد العاشر من ینایر ???2

یقف الزایر علی شرفة الباب کالمسکون بأشباح الحریة ... ینظر الی اولاده الصغار و هم یرکضون حول السعمرانة (1) ، فتتعثر نظراته بین الحین و الآخر ما بین الاولاد و النخلة ... یستند بکفیه الکبیرة علی الباب و ثبت عیناه علی اولاده الصغار.

فتصرخ زوجته العجوز علیه : یا زایر تعال في الغرفة فأر.

دخل الفأر باقدامه السریعة الی الغرفة و خطف انظار العجوز حوله ، اما الزایر لم یحرك ساكناً سوى انه يقف على شرفة الباب .

هبت ریاح الدهشة علی وجهه ... أوقعته في عتمة المجهول فأصبح جسده اکثر خفة من کثر وقوفه ... اما الفأر لازال یرکض من زاویة الی اخری.

فصرخت العجوز مرة ثانیة : یا زایر ماتسمع ؟

لکن الزایر لایزال واقفاً و کأنه في قمة الانصات لصرخاتها الصامتة و لم یسمع سوی ضجیج الفأر المتصاعد في کل انحاء الغرفة.

استند الزایر علی ظهره ... أمتدت یداه لتتشبث بباب الغرفة الحدیدي کأنه یرید ان یتمسك بآخر امل في النجاة و بما ان الهواء كان يضرب بعنف كل انحاء المنزل ... حتى بدا له كل شيء و كأنه سيخلع من جذوره .

كان عواء العجوز یستمر ... هرعت نحو الشوارع والطرقات ،ربما لاستطلاع الآخرين ان الفئران شنت هجوماً على بيتهم الصغير و ربما تريد ان تجد حل لأزمة ثورة الفئران ... صرخت لكن لم يكن هناك لا مجيب ولا مغيث.

بعد ذلك بدأت تتضح لها بعض الأمور التي كانت غايبة عنها في لحظات من الخوف و الفزع ... تشجعت و مسكت عصاها و هرولت نحو الغرفة كي تقتل الفأر.

دخلت و نثرت كل اغراض الغرفة لعلها تستطيع اخماد ثورة اراد الفأر تحريكها في بيتهم الصغير ... اما الزاير يقف و يشعر بصداع شديد في رأسه كأنه يريد ان يطير ما بين السماء و الارض ، وتتجه أنظاره الى زوجته لبضع ثواني و منها يعاود النظر الى السعمرانة  ... و اما بقية الفأران لم تشارك مع ابن جنسهم في ثورته ضد العجوز.

لذلك ظلت الأوضاع تتدهور اكثر و اكثر عندما كانت العجوز مصرة على قرارها بقتل الفأر و التخلص منه ... و في تلك الاثناء دلها فأر آخر على مخبأ الفأر ، فبادرت بأغلاق الطرق و الشوارع حتى لا تلتحق به بقية الفأران و بهذا اصبحت الطرق مسدودة ...لا دخول ... لاخروج.

خرجت العجوز كأنها نابضة بالحياة ، فتبحث عن الفأر الثائر ... الوقت يمر و البحث يستمر ، فيتصاعد ضجيج الفأر الى مسمع الزاير دون اهتمام .

و بعد فترة استطاعت العجوز اخماد الثورة و امساك الفأر عندها قالت : يا زاير أمسكت به و قتلته دون ان يرف لي حاجب.

لازال الزاير يقف و ينظر الى الاولاد و هم يركضون في البيت ... أتت العجوز و وضعته امام أمر الواقع.

و في الحين التي كانت العجوز تتكلم ... الزاير لا يبالي بكلامها فقال : الحمد لله السعمرانة لازالت واقفة.

 


(1)          السعمرانه نوع من انواع النخیل.