افـتقاد عابر سبیل
هل خلی السبیل من عابره؟
علی عبدالحسین
قبل حوالى اربع سنوات أذكر جيداً متابعتنا لكتابات الاخ العزيز عابرسبيل التي كانت تحمل نفس الاسم. كانت قد مرت اعداد كثيرة من الاسبوعية الحاملة بين طياتها مادة عابرسبيل ونحن لم نعرف كاتبها، كنا نقرأها ونـُعجب بإسلوبها ولم نحاول الفضول في مايخص القلم الذي يخط تلك السطور على احد صفحات الجريدة. لم نطق صبراً على العمود الذي جاء باسلوب خاص ليطرح قضايا هامة بكل بساطة، فسئلنا وقالوا...فلان...
كان عموداً بسيطاً مختصراً مكللاً بتندر وتنكتٍ ملحين اصيلين يدفعانك الى الضحك والتأمل او الى الدمعة والابتسامة. والحق يقال أن كتابات الاخ عابر سبيل كانت تحمل الكثير من التراث والفلكلور مغلفاً بكثير من النقد بغية رسم صورة من الاجتماعيات المعاشة. لم يكتفِ عابر سبيل بنقل التراث والنكت الاجتماعية فحسب بل ابدع في توظيفها للتعبير عن حالة اوصورة ما. فإسلوبه ابداعٌ خالصٌ نابع من نص الحياة الاهوازية لاغير.
لقد إنتقد عابر سبيل المثقف الاهوازي الموسوم بالشعاراتية والنزعة الصارخة الشعبوية التي لم تترسخ ولا تتعمق بمفهوم الثقافة او اي مفهموم آخر من مفاهيم الحضارة الانسانية ،فتجدها تهتف بالشعارات وتحلم وتنزع منزع الاطفال اللامدركين للأمور بشكل عام. ونجح بشكل جميل وشيق أن ينبه هذا النوع من المثقف بأن العمل يختلف عن الشعار والنضوج المبدئي ليس كحلم الأطفال..وقرأنا مقالاته المنتقدة الساخرة وضحكنا كثيراً وتأسفنا أكثر...
الآن وقد غاب عنا عابرسبيل مع كلماتهِ القريبة من مشاعرنا ومشاكلانا متى سيرجع الى الكتابة ليمتعنا وينفعنا بها؟ لقد مر زمنٌ ونحن بتلهف وشوق ننتظر سطوره وحكمه الشعبية التي تمدنا بالفكر والابتسامة...
لم أعرف سبب الغياب الذي طوى كلمات عابر سبيل بطيات السكوت المحزن لنا. لكن أياً يكون السبب لن يكون وجيهاً مبرراً وضعَ القلم الى جانب وأنا قلت ودائماً كررت والححت أن القلم الاهوازي لابد أن يكتب ومهما يكتب لنا يعتبر غال ٍ ومهم ولا غنىً عنه بأي حال من الاحوال. وعقيدتي كانت ومازالت تقول بأن الكمال والوصول الى المقصد لن يتم الا عبر الكدح المستمر وأن الجمود والسكون ليس هو الا مزيداً من التقهقر المُمرض المميت.
لم أقل أن كتابات عابر سبيل هي الافضل من نوعها لا بل حالها كأي كتابة لابد أن تمر بمراحل التطور كاملة ولا يجب أن نتوقع منها أن تقفز من الاهبط الى الأعلى. أنها جديرة بالتطور والكمال لأن لها تاريخها وابداعيتها وقضاياها واطرحاتها..فمن المؤسف جداً أن نخسر کذا قلم مفيد بناء.
وأخيراً أرجو من الاخ عابر سبيل أن يرجع الى الكتابة والتعبير مهما تكون الاسباب وراء غيابه ورغم كل العوائق في طريق الكمال والتعالي. عليه أن يشمر عن ساعديهِ ويبدأ فإن الغد لمن عمل وكدح وحاول ولا أحب وانتظر منه ومن اي كاتب ومثقف أن تهزمهُ الظروف وينكسر راكعاً أمامها...