عیدٌ بأیِّ حالٍ عدتَ یا عیدُ

محمد أمین – الأهواز



أول ما لفت إنتباهی عندما نهضتُ صباحاً هیَ الساعة الجداریة الباهتة اللون بباندولها الذی لا یکلّ من الحرکة ، تشیر الساعة الثامنة صباحاً ، للحظة وجیزة إنتابنی شعور بأن الیوم قد تأخرت ّ عن العمل عندها یستوجب علیّ أن أبرر تأخیری عند رئیسی التی باتت لا تقنعهُ مبرراتی و لکن سرعان ما أدرکت بأنه یوم عطلة و علیّ الا أقلق تجاه تعنیف رئیسی .
جلست علی مائدة الفطور و هو کالعادة عبارة عن رغیف خبزٍ و کوب شایٍ و قطعة من الجبن المالح و رحتُ أشاهد التلفاز و اتنقّل بین القنوات لعلّ أجدُ برنامجاً یستهوینی و یستوقفنی لأننی لا ارغب الا بمشاهدة البرامج التی أستطیع من خلالها اقتناص المعلومة الثمینة ممزوجة بمتعة المشاهدة و لکن الیوم للبرامج التلفزیونیة نکهة أخری ، کانت الأجواء ، أجواء عید و عبارة ( عیدکم مبارک و کل عام و أنتم بخیر ) کانت تتردد علی أغلب القنوات ، عندها تذکرتُ بأن الیوم هو عید الأضحی المبارک ، نظرت من حولی لأری مشهداً من مشاهد العید أو شئ یدل علی العید فی بیتی ، کانت زوجتی جالسة ألی جنبی غیر آبهة بشئ و کان إبنی نائماً ، أغیّر القنوات واحدة تلو الأخری عندها تزداد حیرتی عندما أشاهد الفرحة المرسومة علی وجوه الکبار و الصغار و الابتسامة التی لا تفارق الوجوه ، الملابس الجدیدة ، الحلویات ، التهانی و التبریکات ، المعایدات ، تقدیم العیدیة للاطفال من قبل الجد و الجدة ، إستقبال الضیوف ، المنتزهات ، الجمعیات و الناس الذین یذهبون لتبضّع العید و أشیاء کثیرة من هذا القبیل ، جمیعها ، أشاهدها عبر التلفاز ، لم إکمل فطوری بسبب شعور غامض لهذا إرتدیت ملابسی و خرجت من البیت ، رأیت جاری بملابس العمل مشغول بأدخال مواد البناء لاکمال الطابق الثانی من بیته ، وجّهتُ له التحیة و أردت آن أبارک له العید و لکن إنشغاله بعامل البناء الذی کان غارقاً فی عمله لیحثّه علی العمل بشکل أسرع منعنی من نیّتی فترکته و ذهبت أمشی فی الشارع لأتقصّی مظاهر العید ، رأیت أحد الجیران برفقة عائلته یستعد للذهاب الی رحاب الطبیعة هذا ما عرفته من الملزومات التی یحملونها معهم من أوانی و غیرها .

لم أری ذلک الیوم مظهراً من مظاهر الفرح لدی الناس و لا أثر للعید و أجواءه فی الشارع و الحی ، سئمت من هذه الحالة و سألت نفسی عن السبب أو الاسباب التی أدت الی هذه الحالة ، لماذا یکون عید الاضحی المبارک هکذا مظلوم عندنا ، لماذا لا نحتفل بهذا العید السعید الذی هو أحد الاعیاد الکبیرة بل هو العید الاکبر عند المسلمین .
برأیی اذا أردنا أن نبحث عن أسباب هذه الحالة فتکون لها اسباب عدیدة و أهمها یکمن فی القضایا الثقافیة ، فللاسف الشدید منذ سنین بعیدة لم یُعتنی بهذا العید کما ینبغی و الدلیل الثانی یرجع للامور الاقتصادیة حیث الوضع المتدنّی لدخل العوائل لا یسمح لها باحتفال العیدین خلال شهرین لأن ما تدخره العوائل طوال السنة قد تنفقهُ للاهتمام بعید الفطر السعید و بالتالی لا یسعها تحمّل نفقات عید الاضحی و أما السبب الثالث هو عدم الاهتمام الجاد من جانب الجهات المعنیة بإحیاء هذا العید و تعظیمه کما ینبغی لأن لها دور کبیر و فاعل فی إرساء الثقافة العامة للاحتفال بهذا العید اذا وضعته من اولویاتها .
بالأخیر نسئل من الله أن یوفقنا نحن و أیاکم فی تعظیم هذا العید و کما جاء فی القرآن الکریم ( و من یعظّم شعائر الله فإنها من تقوی القلوب )