یوم الطفل العالمی 6
التربیة ولیدة الأسرة
ابوأنس – الأهواز
إذا نظرنا عبر التاریخ نجد أن الاسرة هی الدافع الاساسی و العامل الرئیسی لبناء الشخصیة الثابتة و الواثقة لدی الطفل لأن الطفل قبل أن یدخل المجتمع و یتفاعل معه یتلّقی التربیة فی احضان العائلة و حنان الأب و الأم .
و علی هذا الاساس نری أن معظم الافراد الناجحین فی حیاتهم هم الذین سلکوا طریق الأمان حیث بأستطاعتهم التمییز بین الصحیح و الخطأ لذلک یصبح الأنسان فی هذا الحال واثق من نفسه و باستطاعته مواجهة العراقیل التی تظهر أمامه و العقبات الصعبة التی یواجهها فی زمان الحال و المستقبل ، فأول مکان ینشأ فیه الطفل هی الأسرة قبل أن یذهب الی الروضة أو المدرسة و هذا یعنی التربیة من مهام الاسرة بالدرجة الأولی و علیها بتوجیة الطفل بشکل صحیح نحو الافضل و تربیته علی علی اساس الموازین الاسلامیة وکلما تکون الاسرة مدرکة بواجباتها تجاه ابناءها کلما تصبح الاسرة متکاملة و مثقفة و تخدم المجتمع .
هنالک أسر فی مجتمعنا تُحمِّل أوتسعی لتحمیل القیم و المفاهیم التی تخص زمان و بیئة الآباء و الامهات علی الطفل بمعزل الاخذ بعین الاعتبار ظروف الزمان و البیئة الحالیة للطفل و هذا یسبب شرخاً فی العوائل بین الآباء و الأبناء و بالتالی تحصل ثغرة عاطفیة بینهما و اطفالهما و ایضاً هناک اسباب و علل و سلوک فی بعض الاسر تعمّق هذا الشرخ و برأیی هذا الأمر یرجع الی الامور التالیة :
1 - عدم وجود دراسة دقیقة و موضوعیة تدرس هذا الموضوع فی المجتمع
2- عدم وجود علاقة وطیدة و حسن المعاملة بین الزوجین انفسهم
3 – سوء معاملة الاطفال کالضرب أو التحقیر
4 – عدم اعطاء الفرص لاظهار مواهبهم و استعدادهم بدل التحفیز و التشویق
5 – وجود مشاکل اقتصادیة کالبطالة ، الفقر ، عدم توفّر الامکانیات و غیرها
و أما السؤال الذی یطرح نفسه : أی منهج تتخذ الأسرة لتعلیم و تربیة الاطفال ؟
بطبیعة الحال علی الأسرة أن تربّی ابناءها حسب معتقداتها الفکریة و الدینیة الصحیحة و النقیة التی لا تتنافی مع العقل السلیم و الشرع الالهی و بطبیعة الحال المجتمع الاهوازی مجتمع مسلم و علی العوائل تربیة اطفالها حسب المنهج الاسلامی السائد فی المجتمع والثقافة الاسلامیة و هذا ما تسعی له العوائل الاهوازیة .
لکن نقطة البحث تکمن فی تطبیق هذه الثقافة فی المجتمع و تأثیرها علی مستقبل الطفل و الذی سنحاول أن نشیر الی بعض النقاط فی هذا الموضوع .
الاسرة الاهوازیة عریقة و نزیهة فی تاریخها و معتقداتها و لها جذور تاریخیة فی بناء المستقبل و لکن مرت بمشاکل عدیدة منها سیاسیة ، اجتماعیة و ایضاً فکریة التی عرقلت سیرها فی مجال تربیة الاطفال و العنایة بهم کما ینبغی و کما تفعل الامم المتقدمة و لکن و الحمدلله رغم کل الصعوبات لا تزال الاسرة تلعب الدور الاساسی فی هذا المهم .
لابد لنا أن نشیر هنا الی الحالات التی تتم فیها معاملة الطفل معاملة قاسیة و التی لا تتناسب مع کل المعاییر المطلوبة لایجاد أسرة ناجحة :
علی الاسرة أن تلبّی احتیاجات الطفل ، اریکسون یقول : اذا لم تتحقق آمال الطفل فتکون ثغرة عاطفیة فی حیاته .
فی حالة أخری نشاهد عدم المساواة فی حقوق الابناء من قبل الوالدین و هذا امر خطیر لابد للأنتباه الیه یعنی هناک بعض الأسر لا تعطی حقوق متساویة لأبنائها من محبة و أمکانیات و حتی مصاریف أو فی اعتقاد الکثیر من الأسر بأن هناک فرقاً بین البنت و الولد و سمیزون الولد علی البنت و هذا ما نبّه الیه الباری سبحانه و تعالی فی القرآن الکریم حیث قال : « إذا بُشّر أحَدهُم بالأنثی ظل وجههُ مسوداً و هو کظیم » و فی آیة أخری یوکّد علی المساواة فی الخلق حیث یقول « و خلقناکم من ذکرٍ و إنثی و جعلنا بینکم مودةً و رحمة » .
و نحن نعلم إن فقدان العاطفة و المحبة تجاه الابناء هی سبب من اسباب لجوء الابناء لغیر الأسرة و من الممکن أن یؤدی هذا العمل الی انحراف أجتماعی و أما ینتهی بالفرد الی الانزواء من المجتمع .
هنالک بعض الاسر تعتقد بأن الضرب هو الحل لتأدیب الاطفال فهذه طریقة قدیمة و لایزال نری هذه الامور تحدث فی مجتمعنا .
الطفل کالمرآة المصقولة کل ما یراه ینعکس علیه و المثال علی ذلک ، تلک الاسرة التی تتشاجر دائماً فیما بینها و هذا الشجار یؤثّر لباً علی الطفل و یولّد الانفعال و سوء الاخلاق و السلوک المشین .
علینا نحن فرداً فرداً أن نکوّن آسرة مثقفة منسجمة و متماسکة تمشی بخطی ثابتة طبق منهجیة علمیة تتماشی مع روح الزمان لیصبح لنا اجیالاً مثقفة تواکب العصر و الزمان و تلتحق بأمم المتقدمة .