یوم الطفل العالمی 3
طفولتی !
لفته الکعبی
۲۰۱۰/۱۰/۰۹
أنقضت طفولتی فی بئتین مختلفتین من نواحی عدیدة حیث فی حقبتها الاولی أمضیت سنواتی الأُوَل فی أحدی قری الفلاحیة ذات النخیل الباسقة و الکثیفة بأنواعها الکثیرة ک( الگنطار) و( البریم )و( الخضراوی ) و ( الحلّاوی ) و( البرحی )و ( السعمران ) و ( الدیری ) و عشرات الانواع الاخری من التمور و النخیل ... تجری خلالها السواقی و تتخللها شجیرات أو بالأحری نبتات ( البامیة ) و ( البطیخ ) و... و کانت التمور و ( الدبس ) و ( المعسّل = التمر مع الدبس ) الطعام الاساسی لنا بالطبع
لازلت اذکر ذلک النهر الجمیل الذی یجری وسط القریة و یسکن علی ضفتیه أهلها یمتهنون الزراعة و الفلاحة یسقی الاراضی من مائه الوافر و یروی الناس و الأنعام و یصید السکان منه السمک خاصة ( البنّی ) و ( الشبّوط ) و ( البزرم = الگطّان )و ( الحمری ) و ( الخشنی أو البیاح ) .
فی الصباح الباکر یذهب البعض من اهل القریة للهور لیجلبوا القصب لحیاکة ( البواری = مفردها باریة ) و البردی للاستخدام فی حیاکة ( البوانی = مفردها بانیة ) و انواع الأعشاب و الحشیش لأطعام الأبقار و أیضاً لیصید الطیور مثل ( النکوة ) ، ( الشیجة ) ، ( الحذّافة ) ، ( البرهان ) ، ( البطة ) ، ( البربش ) ، ( اعودی ) ، ( الخضیری ) ، ( المرزل ) ، ( امسعجر ) و غیرها من الطیور .
کما یذهب البعض الآخر الی الاراضی الزراعیة لریّها و عنایة المحاصیل فیها أو زراعة بعض ( افراخ النخیل ) و تبقی بعض النساء فی البیوت لتصنع من سعف النخیل و لیفها و باقی اجزائها وسائل شتّی نستخدمها فی جمیع مرافق حیاتنا ومنها ( البلّة ) التی نفترشها ، ( الطبگ و السفرة ) الذی نأکل فیهما طعامنا ، ( الرطیلیة ) ، التی نحتفظ بالتمر فیها ( المهفّة ) التی نلوذ من حر الصیف الیها لأنها تعطی مفعولاً کالمروحة ، ( الفروند ) لصعود النخیل الشاهقات و ( الزبیل = الچنبیلة و السلال ) کأوانی لجمیع الأشیاء فهی صندوقنا التی نضع ملابسنا و طعامنا و الثمر التی نجلبه من الأراضی الزراعیة ، ( المخبازة ) و التی تُستخدَم فی الخبز و اشیاء کثیرة أخری .
عندما یذهب والدی الی المدینة عبر الشط و بواسطة البلم لبیع المحاصیل الزراعیة و شراء حوائج البیت کالزیت و الشای و السکّر و النفط الابیض و ادوات زراعیة بسیطة ک( المنجل ) ، ( الشبل ) ، ( المسحی ) ، ( العکفه ) و ... کما یفعل اهل القریة ، قدکنا ننتظره بفارق الصبر حتی یرجع لیجلب معه لنا (سوگیّة ) و هی عبارة عن حلویات ( کارملّا ، غربوج و ...) أو مکسّرات ( باصورگ ، بذر الشمس و ... ) شأننا شأن باقی اطفال القریة .
انا و أخوتی و اصدقاءنا ک ( أجهیّد بن غضبان ) و ( یعگوب بن افتیّل )کنّا نلعب و نلهو بین النخلیل و علی ضفة النهر و ایضاً فی میاه الشط و من الالعاب التی کنا نلعبها و هی کثیرة بالطبع ، ( الچنة ) ، (أم احچیم )، ( ابرنجی )، ( گطفة اعصیّة ) ، ( غمّضة جیجو )، ( اچعاب ) ، ( الهویشة ) و ... .
عندما یحلّ اللیل نلعب ( لعبة المحیبس ) احیاناً و الاغلب نجتمع حول ( بیبیتی بنّیة ) لتروی لنا القصص و الحکایات و السوالف و الحزورات لأننا ما کنا نمتلک التلفاز بل و لا توجد عندنا کهرباء ومن القصص التی کانت ترویها جدّتی ( أمتیف أمتیفان ) ، ( أم حسن البصری ) ، ( الحطّاب ) ، ( أم عامر ) و حکایات کثیرة أخری .
کنا نرتاد مدرسة مبنیة من الطین و سقفها من الچندل و فیها ثلاثة غرف ، الصف الاول و الثانی فی غرفة واحدة فی آن واحد و الصف الثالث و الرابع فی غرفة و الصف الخامس فی غرفة و عندما اندلعت الحرب العراقیة – الایرانیة درسنا لعام کامل فی الخیم لأن مدرستنا الطینیة قد سکنها مهاجروا الحرب .
المرحلة الثانیة بدأت فور أنتقالنا أنا و عائلتی الی مدینة الاهواز و سکنّا فی أحدی الحواشی و لأول مرة فی حیاتی رأیت التلفاز و الکهرباء و رسوم المتحرکة و أرتادیت مدرسة مبنیة من الطوب و سبحنا انا و ( هَمَدون ) فی کارون العملاق و داعبنا بحنانه و أرهبنا غضبه و لعبنا علی شاطئه العابنا المعهودة و فی کثیر من المرّات کنا نرکب الجاموس عند عودتنا الی البیت لأن رمال ( الخِلِی = الفاصل بین کارون و البیوت ) کانت حارة جداً و نحن کنا حفاة القدمین و تحرقنا الرمال و احیاناً نلعب لعبة ( الگرگطایة ) ، ( النجاة ) أو ( حبة جِلی ) علاوة علی العابنا المعروفة .
مرّت سنین و عقود و ذهبت تلک السنین بمرارتها و حلاوتها و بقت لنا ذکریات سعیدة و أخری مریرة و لکن اطفالنا الآن هل ستبقی لهم مثل هذه الذکریات هل سیروون لأطفالهم کما نروی نحن لهم عن ذکریاتنا و أحلامنا هل سیقولون لهم لعبنا تلک الالعاب أو سمعنا تلک القصص و الحکایات ، لا اظن ذلک .