التواصل العاطفی و أثر التعبیر عنه فی العلاقات الزوجیة

فی العوائل الاهوازیة


خلف عبدالخانی

یعتبر التواصل العاطفی بین الزوج و الزوجه من الأرکان الرئیسیة التی تعتمد علیها عملیة بناء علاقة زوجیة ناجحة تقوم علی التفاهم و الاحترام و الحب المتبادل بین الزوجین و لابد من دراسة هذا الجانب المهم و الحیوی الذی یؤثّر بدرجة کبیرة علی طبیعة العلاقة الزوجیة و مستقبلها و البحث فی تأثیراته المجتمعیة لکی ندفع به إلی المستوی التفکیر و النقاش بالشکل الذی یتلائم مع حقیقة دوره فی العلاقة الزوجیة و مدی فعالیته تجاهها و تأثیره علیها .
فی سبیل ذلک یکفی أن نقوم بعملیة إحصاء بسیطة لعددٍ قلیل لمشاهدات الیومیة لواقع الأسر
الاهوازیة لنجد أن معظم إن لم یکن جمیع هذه الأسر تفتقر إلی هذا النوع من التواصل بین الزوج و الزوجة .
فمن النماذج ألتی أخذت من خلال بعض البحوث المیدانیة ألتی تناولت هذا الموضوع الذی نحن بصدده یمکننا الإشارة علی سبیل المثال لا الحصر الی الطریقة ألتی یتخاطب بها الزوجین و یتبادلان من خلالها اطراف الحوار لاسیما اسلوب الرجل فی خطابه حینما یتوجه به إلی المرأة حیث تشیر تلک البحوث إلی أن جمیع النماذج المأخوذة تخلو من التواصل الذی یعتمد استخدام الکلمات العاطفیة المعبرة عن الحب و المودة و الاحترام الضروریة لترطیب الحیاة الزوجیة و الإبقاء علیها فی وضعیت الشباب الدائم و تعمیق الحالة الحمیمیة ألتی تشکل جوهر العلاقة الزوجیة .
بل أن الکثیر من أسالیب الخطاب و التواصل تخلو من الحد الأدنی المطلوب من الأحترام المفترض تواجده بین الزوجین ، مثال علی ذلک نذکر إستعمال کلمة ( هوی ) الکثیرة الإنتشار فی المجتمع الأهوازی أثناء التخاطب و الحوار بین الزوجین .
أن هذا الإفتقار الشدید للتواصل العاطفی و التعامل المبنی علی الاحترام و التعبیر عن مشاعر الحب و الود فی العلاقات الزوجیة داخل المجتمع الاهوازی یعود فی نظرنا إلی عدة أسباب من أهمها :

الف ) الغرور الشخصی
ب ) النظام الأبوی الذکوری المسیطر علی الأسرة و الموجِّه للمجتمع
ج ) إفتقاد الزوجین للعاطفة أو عدم قدرتها علی ممارستها
د ) إحتقار المرأة و وجود خلفیّات إجتماعیة ( موروثة أم حدیثة ) فی هذا الأمر
ه ) الحیاة الغیر مستقلة عن الأهل فی بدایة الحیاة الزوجیة ألتی تحد من إمکانیة الخطاب الشاعری بین الزوجین
و ) النظام التعلیمی الذی یفرض لغةٍ للتعلیم علی الأهوازیین بغیر لغتهم الأم و تأثیر ذلک علی فعّالیة التعبیر و التواصل اللغوی لاسیما الشاعری و الغزل بین الزوجین
من الطبیعی بعد ذلک أن یؤدی انعدام التواصل العاطفی إلی إشکالیات عدیدة ینسحب أثرها علی واقع المجتمع برمّته لأنها تشکل ما یمکن أن نسمیه ( المکبوت ) الذی یعبّر عن نفسه بطرقٍ مغایرةٍ تماماً عن أسبابه الحقیقیة و دوافعه الرئیسیة لینفجرعلی شکل ردود فعلٍ سلبیة تُلقی بظلالها علی التکوین الشخصی لأبناء تلک الأُسر ألتی تعانی من الحرمان العاطفی من جهة و من العوز الثقافی فی التعامل مع الجنس الآخر الأمر الذی یظلُ یشکّل عقدة فی التواصل الفکری و الإجتماعی بین کلا الجنسین من جهة أخری .
بالأضافة إلی ذلک فإن هذا الفقر و هذا العوز یؤدیان بالأبناء ( أناثاً و ذکوراً ) علی حدٍ سواء بالاتجاه نحو تعویض ما یعانون من حرمان و إشباع ما یجتاحهم من فراغ عاطفی عبر إقامة علاقات غیر شرعیة أو بالرضوخ لنبرةٍ إستلابیة قوامها إحتقار الذات و إستصغارها و الإنبهار بالآخر و التماهی المطلق معه و الذوبان الکامل فیه .
لعل ذلک ما یفسّر بدرجةٍ کبیرة إنتشار ظاهرة زواج أبناء المجتمع الأهوازی من غیر بنی جلدتهم من القومیات الأخری و هی زیجات فی معظمها محکومة بالفشل إذ أنها تنتهی فی أغلب الأحیان بالطلاق .
و السبب المباشر فی ذلک یعود إلی اختلاف الثقافی العمیق بین الزوجین أو ما یمکن أن نطلق علیه هنا ب ( زیجات من خارج السیاق الثقافی ، الاجتماعی ، التاریخی ... )